بَابُ قُلْ : { يَا أَهْلَ الكِتَابِ أَهْلَ الكِتَابِ اليهود والنصارى أو النصارى خاصة. تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ سَوَاءٍ نستوي نحن وأنتم فيها ونتفق عليه. بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ } سَوَاءٍ : قَصْدٍ قَصْدٍ من قصد في الأمر إذا توسط فيه واعتدل

شرح حديث رقم 4553

setting

المصدر ممتد حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ :

حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ ، قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ ، إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ (ﷺ) إِلَى هِرَقْلَ ، قَالَ : وَكَانَ دَحْيَةُ الكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ عَظِيمِ 'عظيم : حاكم أو ملك' بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ ، قَالَ : فَقَالَ هِرَقْلُ : هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ : أَنَا ، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ : قُلْ لَهُمْ : إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَايْمُ وَايْمُ 'وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله' اللَّهِ ، لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا يُؤْثِرُوا 'آثر : أعطى وأفرد وخص وفضل وقدم وميز' عَلَيَّ الكَذِبَ لَكَذَبْتُ ، ثُمَّ قَالَ : لِتَرْجُمَانِهِ لِتَرْجُمَانِهِ 'الترْجُمان بالضم والفتح : هو الذي يُتَرجم الكلام، أي يَنْقُله من لُغَة إلى لغة أخرى وهو الذي يفسر الكلام ويوضحه أيضا' ، سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ حَسَبُهُ 'الحسب : الشَّرَف بالآباء وما يَعُدُّه الناس من مَفاخرهم' فِيكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ : يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ : قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً سَخْطَةً 'السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به' لَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : تَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا سِجَالًا 'الحرب سجال : مَرَّة لنا ومَرَّة علينا ونصرتها متداولة بين الفريقين' يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ ، قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ المُدَّةِ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ، قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لاَ ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُ : إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ أَحْسَابِ 'الأحساب : جمع حسب وهو الشرف والمجد والكرم' قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ، قُلْتُ : رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ ، فَقُلْتَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ لِيَدَعَ 'يدع : يترك ويذر' الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً سَخْطَةً 'السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به' لَهُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يُزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ ، فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا سِجَالًا 'الحرب سجال : مَرَّة لنا ومَرَّة علينا ونصرتها متداولة بين الفريقين' يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى تُبْتَلَى 'البلاء والابتلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر' ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ العَاقِبَةُ 'العاقبة : الخاتمة' ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ، قُلْتُ : رَجُلٌ ائْتَمَّ ائْتَمَّ 'الائتمام : الاقتداء' بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ وَالعَفَافِ 'العفاف : الكَفُّ عن الحَرَام والسُّؤالِ من الناس' ، قَالَ : إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فَقَرَأَهُ : فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ يُؤْتِكَ 'يؤتيك : يعطيك' اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ إِثْمَ 'الإثم : الذنب والوزر والمعصية والحرج' الأَرِيسِيِّينَ ، وَ : { يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ } إِلَى قَوْلِهِ : { اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }[آل عمران : 64] فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ ، ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ اللَّغَطُ 'اللغط : الأصوات المختلطة المبهمة والضجة لا يفهم معناها' ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا ، قَالَ : فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا : لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا مُوقِنًا 'موقنا : مؤمنا واثقا متأكدا من قلبه' بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ الفَلاَحِ 'الفَلاح : البَقَاء والفَوْزُ والظَّفَرُ' وَالرَّشَدِ آخِرَ آخِرَ الأَبَدِ إلى آخر الزمان. الأَبَدِ آخِرَ الأَبَدِ إلى آخر الزمان. ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ ، قَالَ : فَحَاصُوا فَحَاصُوا 'حاصوا : نفروا وكروا' حَيْصَةَ حَيْصَةَ 'الحيصة : الجولة من جولات الفرار' حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ ، فَقَالَ : عَلَيَّ بِهِمْ ، فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ : إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي الَّذِي أَحْبَبْتُ الشيء الذي أحببته وهو ثباتكم على دينكم أَحْبَبْتُ الَّذِي أَحْبَبْتُ الشيء الذي أحببته وهو ثباتكم على دينكم فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُالمصدر: صحيح البخاريالجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم، المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422 ه (الصفحة: 1970)