شرح حديث رقم 6207

setting

المصدر ممتد حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، ح حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَخِي ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ،

أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ فَدَكِيَّةٌ 'فدكية : أي من صنع فدك ، وهي بلدة مشهورة على مرحلتين أو ثلاثة من المدينة' ، وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ ، يَعُودُ يَعُودُ 'العيادة : زيارة الغير' سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي حَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ ، قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ ، فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلاَطٌ أَخْلاَطٌ 'الأخلاط : جمع الخِلْط وهو اسم لكل شيء امتزج بعضه ببعض وتداخل' مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ الأَوْثَانِ 'الأوثان : جمع وَثَن وهو الصنم، وقيل : الوَثَن كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد وقد يُطْلَق الوَثَن على غير الصُّورة، والصَّنَم : الصُّورة بِلا جُثَّة' وَاليَهُودِ ، وَفِي المُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَلَمَّا غَشِيَتِ غَشِيَتِ 'غشيت : أصابت' المَجْلِسَ عَجَاجَةُ عَجَاجَةُ 'العجاجة : الغبار' الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ خَمَّرَ 'خَمَّرَ الشَّيْء : غَطَّاه وستره' ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ : لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ : أَيُّهَا المَرْءُ ، لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا ، فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَاغْشَنَا فَاغْشَنَا 'فاغشنا : فائتنا وزرنا وخالطنا' فِي مَجَالِسِنَا ، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ يَتَثَاوَرُونَ 'التثاور : القتال' ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يُخَفِّضُهُمْ يُخَفِّضُهُمْ 'يخفضهم : يسكِّنهم ويسهل الأمر بينهم' حَتَّى سَكَتُوا ، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) دَابَّتَهُ ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : أَيْ سَعْدُ ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ ، لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ اصْطَلَحَ 'اصطلح : اتفق' أَهْلُ هَذِهِ البَحْرَةِ البَحْرَةِ 'البحرة : البلدة' عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ شَرِقَ 'شرق بالشيء : كرهه وضايقه وغص به' بِذَلِكَ ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ }[آل عمران : 186] الآيَةَ وَقَالَ : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ }[البقرة : 109] فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَتَأَوَّلُ فِي العَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بَدْرًا ، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ صَنَادِيدِ 'الصناديد : سادة الناس ، وزعماؤهم ، وعظماؤهم ، وأشرافهم' الكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ ، مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ صَنَادِيدِ 'الصناديد : سادة الناس ، وزعماؤهم ، وعظماؤهم ، وأشرافهم' الكُفَّارِ ، وَسَادَةِ قُرَيْشٍ ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ : هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ ، فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَلَى الإِسْلاَمِ ، فَأَسْلَمُواالمصدر: صحيح البخاريالجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم، المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422 ه (الصفحة: 2769)