بَابُ الهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ

مَرَّ بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ (ﷺ) إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ بِجَنَبَاتِ جمع جنبة وهي الناحية أُمِّ سُلَيْمٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ (ﷺ) عَرُوسًا بِزَيْنَبَ ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ : لَوْ أَهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) هَدِيَّةً ، فَقُلْتُ لَهَا : افْعَلِي ، فَعَمَدَتِ الى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ وَأَقِطٍ 'الأقط : لبن مجفف يابس يطبخ به' ، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً حَيْسَةً الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن وقد يدخل عوض الأقط الدقيق أوالخبز الفتيت فِي بُرْمَةٍ بُرْمَةٍ 'البرمة : القِدر مطلقا وهي في الأصل المتخذة من الحجارة' ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِي إِلَيْهِ ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ لِي : ضَعْهَا ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَالَ : ادْعُ لِي رِجَالًا - سَمَّاهُمْ - وَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ قَالَ : فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي ، فَرَجَعْتُ فَإِذَا البَيْتُ غَاصٌّ غَاصٌّ 'غص المكان بأهله : امتلأ بهم وضاق' بِأَهْلِهِ ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ (ﷺ) وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تِلْكَ الحَيْسَةِ الحَيْسَةِ 'الحيس : طعام يطبخ فيه تمر ولبن مجفف ويضاف لهما السمن' وَتَكَلَّمَ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ مِنْهُ ، وَيَقُولُ لَهُمْ : اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ قَالَ : حَتَّى تَصَدَّعُوا تَصَدَّعُوا تفرقوا
'تصدع : تفرق' كُلُّهُمْ عَنْهَا ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ ، وَبَقِيَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ ، قَالَ : وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ أَغْتَمُّ 'اغتم : حزن' ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ (ﷺ) نَحْوَ الحُجُرَاتِ وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ إِثْرِهِ 'في أثر كذا أو إثره : بعده وخلفه وعقبه ووراءه' ، فَقُلْتُ : إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا ، فَرَجَعَ فَدَخَلَ البَيْتَ ، وَأَرْخَى وَأَرْخَى 'أرخى الشيء : أرسله وأسدله' السِّتْرَ وَإِنِّي لَفِي الحُجْرَةِ ، وَهُوَ يَقُولُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ، إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ، وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا ، فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ، إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ ، وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ }[الأحزاب : 53] قَالَ أَبُو عُثْمَانَ : قَالَ أَنَسٌ : إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) عَشْرَ سِنِينَالمصدر: صحيح البخاريالجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم، المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422 ه (الصفحة: 2343)